البنية التحتية ومراكز البيانات

6من الهجمات الإلكترونية الخفية أشد فتكًا من فيروسات الفدية تهدد الشركات الصغيرة!

6من الهجمات الإلكترونية الخفية أشد فتكًا من فيروسات الفدية تهدد الشركات الصغيرة!

تتعرض الشركات الصغيرة بشكل متزايد لموجة عاتية من الهجمات الإلكترونية التي لا تقتصر على فيروسات الفدية، بل تتعداها إلى تهديدات أكثر تعقيدًا وأقل وضوحًا، ولكنها لا تقل خطورة. في حين أن فيروسات الفدية تحظى باهتمام كبير بسبب تأثيرها المباشر والمدمر، إلا أن هناك هجمات إلكترونية أخرى قد تتسبب في خسائر مالية ومعنوية فادحة للشركات الصغيرة، وتُشكل تهديدًا وجوديًا لقدرتها على الاستمرار.

أنواع الهجمات الإلكترونية الأكثر خطورة على الشركات الصغيرة

بينما تتركز الأنظار عادةً على فيروسات الفدية، هناك هجمات إلكترونية أخرى تستهدف الشركات الصغيرة بأساليب متطورة وتسبب أضرارًا جسيمة. هذه الهجمات الإلكترونية غالبًا ما تكون أقل ضجيجًا ولكنها أكثر خبثًا وتخريبًا.

1– هجمات التصيد الاحتيالي (Phishing)                                                 

تعتبر هجمات التصيد الاحتيالي من أكثر أنواع الهجمات الإلكترونية شيوعًا وفعالية ضد الشركات الصغيرة. تعتمد هذه الهجمات على خداع الموظفين لدفعهم إلى الكشف عن معلومات حساسة مثل بيانات تسجيل الدخول أو أرقام بطاقات الائتمان. يقوم المهاجمون بإرسال رسائل بريد إلكتروني تبدو وكأنها من جهات موثوقة (مثل البنوك، الموردين، أو حتى الإدارة الداخلية للشركة)، وتتضمن روابط خبيثة أو مرفقات مصابة. بمجرد النقر على الرابط أو فتح المرفق، يمكن للمهاجمين الوصول إلى أنظمة الشركة وسرقة البيانات أو تثبيت برامج ضارة. تشير الإحصائيات إلى أن هجمات التصيد الاحتيالي هي بوابة رئيسية لجرائم الإنترنت الخطيرة، بما في ذلك نشر برامج الفدية، وتشكل تهديدًا كبيرًا للشركات الصغيرة.

الوعي بهذه الهجمات الإلكترونية وكيفية اكتشافها أمر حيوي. يجب على الشركات تدريب موظفيها على التعرف على رسائل التصيد الاحتيالي المشبوهة وعدم النقر على الروابط غير الموثوقة. إن تجاهل بروتوكولات الأمن الأساسية يمكن أن يجعل الشركات الصغيرة عرضة بشكل خاص لهذه الهجمات الإلكترونية.

2– هجمات حجب الخدمة الموزعة (DDoS)                                             

تهدف هجمات حجب الخدمة الموزعة إلى إغراق موقع الويب أو الشبكة الخاصة بالشركة بكم هائل من حركة المرور المزيفة، مما يؤدي إلى تعطيل الخدمات وجعلها غير متاحة للمستخدمين الشرعيين. على الرغم من أن هذه الهجمات الإلكترونية قد لا تهدف بشكل مباشر إلى سرقة البيانات، إلا أنها تتسبب في خسائر مالية كبيرة للشركات الصغيرة نتيجة توقف العمل، وفقدان العملاء، والإضرار بالسمعة. غالبًا ما تستهدف هذه الهجمات الإلكترونية مواقع التجارة الإلكترونية خلال مواسم الذروة أو الشركات التي تعتمد بشكل كبير على وجودها عبر الإنترنت.

يمكن أن تكون هجمات DDoS عملًا انتقاميًا أو تكتيكًا لإلهاء مسؤولي الأمن بينما يقوم المهاجمون بشن هجمات إلكترونية أخرى أكثر تخريبًا على النظام. لا يتم الإبلاغ عن العديد من هجمات DDoS نظرًا لأن الشركات غالبًا ما تدفع مبالغ مالية لوقف الهجمات، مما يزيد من صعوبة تتبعها وتقدير حجمها الحقيقي من الهجمات الإلكترونية.

3. البرمجيات الخبيثة (Malware) بأنواعها المختلفة                                

تعتبر البرمجيات الخبيثة مصطلحًا واسعًا يشمل الفيروسات، الديدان، أحصنة طروادة، وبرامج التجسس، وجميعها تشكل هجمات إلكترونية خطيرة. بينما تركز فيروسات الفدية على التشفير والابتزاز، فإن أنواع البرامج الضارة الأخرى يمكن أن تسبب أضرارًا متنوعة:

الفيروسات والديدان: تنتشر لتصيب الأنظمة وتفسد البيانات.

أحصنة طروادة: تتنكر في شكل برامج شرعية ولكنها تحتوي على كود خبيث يفتح “أبوابًا خلفية” للمهاجمين للتحكم في الجهاز دون علم المستخدم. هذه الهجمات الإلكترونية يمكن أن تمنح المهاجمين وصولاً مستمرًا إلى الشبكة.

برامج التجسس (Spyware): تراقب نشاط المستخدم، وتسجل ضغطات المفاتيح، وتسرق المعلومات الحساسة دون أن يلاحظ الضحية. يمكن لهذه الهجمات الإلكترونية أن تستمر لفترات طويلة قبل اكتشافها، مما يسمح بجمع كميات كبيرة من البيانات.

البرمجيات الخبيثة غالبًا ما يتم تسريبها عبر مرفقات البريد الإلكتروني، التنزيلات من مواقع غير موثوقة، أو استخدام أجهزة حاسوب الشركة لأغراض ترفيهية، مما يفتح الباب أمام هذه الهجمات الإلكترونية لتهديد أمان الشبكة.

4. هجمات الرجل في المنتصف (Man-in-the-Middle – MitM)              

في هجمات MitM، يعترض المهاجمون الاتصال بين طرفين (مثل جهاز المستخدم والخادم) دون علمهما، مما يسمح لهم بالتنصت على البيانات المرسلة أو حتى تعديلها. غالبًا ما تحدث هذه الهجمات الإلكترونية في الشبكات العامة غير الآمنة (مثل شبكات Wi-Fi المجانية)، حيث يمكن للمهاجمين بسهولة اعتراض حركة المرور. يمكن أن تؤدي هذه الهجمات الإلكترونية إلى سرقة بيانات تسجيل الدخول، المعلومات المالية، وغيرها من البيانات الحساسة.

تعتمد هذه الهجمات الإلكترونية على ضعف التشفير أو عدم وجوده في الاتصالات. يجب على الشركات الصغيرة التأكد من استخدام اتصالات آمنة (مثل HTTPS) لجميع تعاملاتها عبر الإنترنت.

5. هجمات ثقب المياه (Watering Hole Attacks)                                   

تستهدف هذه الهجمات الإلكترونية المواقع التي يزورها الضحايا المحتملون بشكل متكرر. يقوم المهاجمون بإصابة هذه المواقع ببرامج ضارة، وعندما يزور الموظف أحد هذه المواقع المصابة، يتم تحميل البرمجيات الخبيثة على جهازه، مما يمنح المهاجمين نقطة دخول إلى شبكة الشركة. هذه الهجمات الإلكترونية معقدة وتستهدف منظمات محددة، وغالبًا ما تستغل نقاط ضعف في تحديثات البرامج أو سلسلة التوريد.

الوعي بمخاطر تصفح الويب الآمن وتحديث البرامج بانتظام يمكن أن يقلل من خطر هذه الهجمات الإلكترونية.

6. الهجمات الداخلية (Insider Threats)                                               

على الرغم من أنها لا تأتي من مصدر خارجي، إلا أن الهجمات الداخلية تشكل تهديدًا خطيرًا للشركات الصغيرة. يمكن أن يكون هذا التهديد نتيجة إهمال موظف (مثل استخدام كلمات مرور ضعيفة أو الوقوع ضحية للتصيد الاحتيالي) أو بقصد التخريب من قبل موظف ساخط. يمكن أن تؤدي هذه الهجمات الإلكترونية إلى تسريب بيانات حساسة، إتلاف أنظمة، أو سرقة معلومات قيمة.

تتطلب هذه الهجمات الإلكترونية استراتيجية أمنية داخلية قوية تشمل مبدأ الصلاحيات القليلة (Least Privilege Principle) ومراقبة نشاط المستخدمين. إن 74% من الهجمات السيبرانية الناجحة في عام 2022 كانت بسبب العنصر البشري، مما يؤكد أهمية التدريب والوعي لمواجهة الهجمات الإلكترونية الداخلية.

كيفية الاستعداد لهذة الهجمات

تعزيز الوعي الأمني وتدريب الموظفين                                                    

يعد العنصر البشري خط الدفاع الأول والأخير ضد معظم الهجمات الإلكترونية. إن تدريب الموظفين بانتظام على أفضل ممارسات الأمن السيبراني يعتبر استثمار أساسي. يجب أن يتعلم الموظفون كيفية التعرف على رسائل البريد الإلكتروني المشبوهة، أهمية استخدام كلمات مرور قوية، وكيفية الإبلاغ عن أي نشاط مريب. الوعي بأحدث أساليب الهجمات الإلكترونية يقلل بشكل كبير من مخاطر الاختراق.

يجب أن يشمل التدريب مواضيع مثل التصيد الاحتيالي، الهندسة الاجتماعية، ومخاطر استخدام أجهزة الشركة لأغراض شخصية.

تثبيت برامج مكافحة الفيروسات                                                                 

 جدران الحماية، وأنظمة كشف التسلل والوقاية منه أمر ضروري. يجب تحديث هذه البرامج بانتظام لضمان الحماية من أحدث التهديدات. برامج مثل Kaspersky Endpoint Security و Fortinet FortiGate توفر حماية قوية. كما أن تصفية البريد الإلكتروني تلعب دورًا حيويًا في منع وصول الرسائل غير المرغوب فيها والمصابة بالبرامج الضارة، مما يقلل من فرص نجاح الهجمات الإلكترونية.

هذه الأدوات توفر مراقبة مستمرة لأمان الموقع وتوفر حماية ضد البرمجيات الخبيثة والهجمات الإلكترونية المتنوعة. الشركات الصغيرة يمكنها الاستفادة من حلول جدران الحماية من الجيل التالي التي يمكن تنصيبها ضمن بيئات افتراضية.

إدارة كلمات المرور والمصادقة متعددة العوامل                                                

استخدام كلمات مرور قوية وفريدة لكل حساب وتطبيق مبدأ المصادقة الثنائية (2FA) أو متعددة العوامل (MFA) يضيف طبقة إضافية من الأمان. يجب أن تكون كلمات المرور معقدة (تتضمن أحرفًا كبيرة وصغيرة، أرقامًا، ورموزًا خاصة) ويصعب تخمينها. المصادقة متعددة العوامل تجعل من الصعب على المهاجمين الوصول إلى الحسابات حتى لو تمكنوا من سرقة كلمة المرور، مما يعزز الحماية ضد الهجمات الإلكترونية.

الممارسات الخاطئة المتعلقة بكلمات المرور هي السبب الرئيسي وراء نجاح العديد من الهجمات الإلكترونية، لذا فإن سياسة كلمات المرور القوية وإدارتها الشاملة أمر لا غنى عنه.

النسخ الاحتياطي المنتظم للبيانات                                                                  

إجراء نسخ احتياطية منتظمة للبيانات الهامة وتخزينها في مواقع آمنة (سواء سحابيًا أو خارج الموقع) هو إجراء حاسم. في حالة وقوع هجوم إلكتروني ناجح (خاصة فيروسات الفدية)، يمكن للشركة استعادة بياناتها بسرعة وتقليل وقت التوقف عن العمل، مما يحد من الأضرار الناجمة عن الهجمات الإلكترونية.

يجب اختبار عملية استعادة النسخ الاحتياطية بانتظام لضمان فعاليتها عند الحاجة. هذا الإجراء هو أفضل دفاع ضد فقدان البيانات بسبب الهجمات الإلكترونية.

تحديث البرامج والأنظمة بانتظام                                                                

يجب الحفاظ على تحديث جميع البرامج وأنظمة التشغيل والتطبيقات بانتظام. غالبًا ما تصدر الشركات تحديثات أمنية لمعالجة الثغرات المعروفة التي يمكن للمهاجمين استغلالها لشن هجمات إلكترونية. تفعيل خاصية التحديث التلقائي يضمن أن تكون أنظمة الشركة محمية بأحدث التصحيحات الأمنية، مما يقلل من نقاط الضعف التي قد تستغلها الهجمات الإلكترونية.

مراقبة الأمان والكشف عن التهديدات                                                             

الاستفادة من أدوات مراقبة الأمان لتتبع حركة المرور الشبكية وسجلات النظام ونشاط المستخدمين باستمرار أمر بالغ الأهمية. الكشف المبكر عن أي دلائل على سلوك غير طبيعي أو محاولات اختراق يمكن أن يساعد في إحباط الهجمات الإلكترونية قبل أن تتسبب في أضرار جسيمة. هذا يشمل مراقبة الأنشطة المشبوهة واكتشاف الهجمات الإلكترونية المحتملة في الوقت الفعلي.

تحليل أثر الهجمات الإلكترونية على الشركات الصغيرة                                         

إن فهم التحديات التي تواجه الشركات الصغيرة في مجال الأمن السيبراني يتطلب تقييمًا دقيقًا لقدراتها الدفاعية الحالية مقابل شدة الهجمات الإلكترونية المتوقعة.

اقرأ أيضا في الأمن السيبراني

في الختام، إن المشهد السيبراني المعاصر يُظهر أن الشركات الصغيرة ليست بمنأى عن الهجمات الإلكترونية المعقدة والمتنوعة التي تتجاوز فيروسات الفدية بكثير. ففي حين تُعد فيروسات الفدية تهديدًا ملموسًا ومباشرًا، إلا أن هناك طيفًا واسعًا من الهجمات الإلكترونية الأخرى، مثل التصيد الاحتيالي وهجمات حجب الخدمة والبرمجيات الخبيثة والتهديدات الداخلية، التي تُشكل مخاطر خطيرة قد تُدمر الشركات الصغيرة وتُلحق بها خسائر فادحة في البيانات والسمعة والمال. يتطلب الأمر وعيًا مستمرًا وجهدًا جماعيًا من جميع العاملين في الشركة لمواجهة هذه الهجمات الإلكترونية.

لذا، يجب على كل شركة صغيرة أن تتبنى نهجًا استباقيًا وشاملًا في الأمن السيبراني. هذا يشمل ليس فقط تطبيق الحلول التقنية المتقدمة مثل برامج مكافحة الفيروسات وجدران الحماية، ولكن الأهم من ذلك هو الاستثمار في العنصر البشري من خلال التدريب المستمر ورفع الوعي الأمني. إن استخدام كلمات مرور قوية، وتفعيل المصادقة متعددة العوامل، وإجراء النسخ الاحتياطي المنتظم للبيانات، وتحديث جميع البرامج والأنظمة باستمرار، ومراقبة النشاط المشبوه، كلها خطوات حاسمة لتعزيز دفاعات الشركات الصغيرة ضد الهجمات الإلكترونية. إن فهم هذه الهجمات الإلكترونية وكيفية التصدي لها هو المفتاح لضمان استمرارية الأعمال وحماية الأصول الرقمية في هذا العصر الرقمي المتسارع. فالحماية ليست خيارًا، بل ضرورة ملحة لمواجهة التحديات المتزايدة من الهجمات الإلكترونية.

جاهز ل بدء مشروعك